في خطوة تعكس اهتماماً متزايداً بالوضع السياسي في السودان، رحبت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتعيين الدكتور كامل الطيب إدريس رئيساً لمجلس الوزراء، واعتبرت هذا التعيين تطوراً مهماً على طريق استعادة الحياة الدستورية والمؤسسات المدنية في البلاد، التي تعيش منذ أكثر من عام حالة من الانقسام السياسي والتدهور الإنساني نتيجة النزاع الدائر.
وفي تصريح رسمي، أكد مسؤول بالأمانة العامة أن الجامعة العربية ترى في هذا التعيين “خطوة ذات دلالة إيجابية” نحو عودة مؤسسات الحكم المدني إلى أداء دورها الوطني، مشدداً على التزام الجامعة الكامل بدعم سيادة السودان ووحدة أراضيه، والعمل مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتعزيز فرص الانتقال السلمي للسلطة، وأوضح أن الجامعة ستكثف جهودها لتقديم الدعم الفني والسياسي المطلوب للحكومة الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالاستجابة للاحتياجات التنموية والإنسانية العاجلة، مشيراً إلى أن الوضع في السودان يحتاج إلى تدخل فاعل يضمن تجاوز التحديات وتوفير بيئة مواتية للحوار الشامل بين مكونات المجتمع السوداني.
ويأتي هذا الترحيب العربي في ظل وضع مأساوي تعيشه البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، وهو النزاع الذي خلّف آلاف القتلى والمصابين، وتسبب في نزوح ملايين المواطنين داخلياً وخارجياً، وتشير التقارير الأممية إلى أن السودان يواجه إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وسط انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، وتراجع الأمن الغذائي.
شاركت الجامعة العربية في اجتماع ثلاثي عُقد في بغداد بتاريخ 16 مايو الجاري، ضم إلى جانبها كلاً من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، ويُعد هذا اللقاء الأول من نوعه منذ بدء النزاع، وجاء بهدف تنسيق المواقف وبحث آليات مشتركة لإنهاء الحرب ومعالجة آثارها السياسية والإنسانية، ووفق ما ورد في بيان ختامي مشترك، شدد قادة المنظمات الثلاث على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري، ودعوا إلى استئناف العملية السياسية تحت قيادة سودانية، تضمن إشراك كافة الفئات السياسية والمجتمعية، بما فيها النساء والشباب والنازحين، في رسم ملامح المرحلة الانتقالية المقبلة.
وترى الجامعة العربية أن تعيين الدكتور كامل إدريس، الذي يتمتع بخبرة قانونية ودبلوماسية واسعة، يمثل فرصة حقيقية لتصحيح المسار السياسي، وإعادة الثقة إلى مؤسسات الدولة، واستعادة الشرعية عبر مسار مدني ديمقراطي يحترم تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة، وشدد العرب على ضرورة أن تتكاتف جهود المجتمع الدولي لدعم هذا المسار، محذراً من أن استمرار النزاع سيزيد من تعقيد الأزمة، ويهدد وحدة السودان وسلامة مؤسساته، ويقوض أي فرص مستقبلية لتحقيق التنمية والاستقرار.
وأكدت الجامعة العربية أنها ستستمر في التواصل مع مختلف القوى السياسية السودانية، إضافة إلى دعم الوساطات الإقليمية القائمة، وعلى رأسها جهود منظمة “إيغاد” والاتحاد الأفريقي، لضمان تشكيل حكومة مدنية تمثل كل السودانيين، وتعمل على وقف الحرب، وتوفير الخدمات، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وختم التصريح بالتأكيد على أن استقرار السودان مسؤولية جماعية، تتطلب من الجميع تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية، والانخراط الجاد في عملية سياسية حقيقية تُنهي دوامة العنف وتفتح الباب أمام مستقبل أفضل للسودانيين.