جدد الاتحاد الأفريقي تأكيده على الوقوف إلى جانب السودان في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، مشدداً على التزامه بدعم مسار السلام، وتشجيع الحوار الوطني الشامل، ودعم جهود استكمال الفترة الانتقالية وصولاً إلى تنظيم انتخابات حرة تعزز الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، وجاء هذا التأكيد في رسالة رسمية بعث بها رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي، إلى السفير عمر محمد أحمد صديق، وزير الخارجية السوداني الجديد، مهنئاً إياه بتوليه المنصب، ومعرباً عن ثقته في قدرته على أداء مهامه بفعالية في ظل التحديات الراهنة التي تواجه السودان.
وقال رئيس المفوضية في رسالته: “أهنئكم على تعيينكم وزيراً لخارجية جمهورية السودان الشقيقة، وأسأل الله لكم التوفيق والسداد في هذه المهمة الصعبة، نظراً للظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد، إن اختياركم لهذا المنصب يعكس ما تتمتعون به من كفاءة وثقة من قيادة الدولة السودانية”، وقال الاتحاد الافريقي، ثقوا تماماً أن الاتحاد الأفريقي سيظل شريكاً موثوقاً وداعماً للسودان، وسنواصل العمل معكم من أجل تحقيق السلام، وإنجاح الحوار الوطني، واستكمال المرحلة الانتقالية التي تمهّد الطريق نحو انتخابات ديمقراطية تُعيد للسودان استقراره السياسي والأمني.”
وتأتي رسالة الاتحاد الأفريقي في وقت حرج تمر به البلاد، حيث تشهد السودان حرباً أهلية دامية منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تسببت في انهيار مؤسسات الدولة، وتفاقم الوضع الإنساني، وتوقف المسار الانتقالي الذي بدأ عقب ثورة ديسمبر 2018، ويُنظر إلى موقف الاتحاد الأفريقي باعتباره داعماً رئيسياً للعملية السياسية في السودان، لا سيما بعد سلسلة من الجهود التي بذلتها المنظمة على مدار السنوات الماضية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية المتنازعة، والمشاركة في مبادرات التسوية السياسية، ومراقبة تنفيذ الاتفاقيات التي تهدف إلى الانتقال السلمي نحو الحكم المدني.
ويأتي تعيين السفير عمر محمد أحمد صديق وزيراً للخارجية في إطار تغييرات أُعلن عنها مؤخراً ضمن مساعي مجلس السيادة لتفعيل العمل الدبلوماسي الخارجي، واستعادة التوازن في علاقات السودان الإقليمية والدولية، بعد شهور من العزلة والتعطيل نتيجة النزاع المستمر، ويُنتظر من الوزير الجديد قيادة جهود التواصل مع المجتمع الدولي، وشرح تطورات الوضع الداخلي، وبحث سبل حشد الدعم السياسي والإنساني، إلى جانب العمل على ضمان احترام سيادة السودان والمساعدة في إعادة بناء علاقاته مع شركائه التقليديين، وعلى رأسهم الاتحاد الأفريقي.
لطالما لعب الاتحاد الأفريقي دوراً محورياً في الوساطة بين الفرقاء السودانيين، سواء في مرحلة ما بعد الثورة أو خلال فترات التوتر السياسي، وقد تبنّى الاتحاد مبادئ واضحة ترتكز على الحوار، ورفض الحلول العسكرية، ودعم الانتقال السلمي نحو نظام ديمقراطي مستقر، ويُتوقع أن تُشكّل رسالة رئيس مفوضية الاتحاد خطوة في سياق تجديد الالتزام القاري تجاه السودان، في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية والإقليمية لوقف الحرب، وبدء حوار وطني حقيقي يضم جميع الأطراف، ويضع حداً لمعاناة المدنيين.
في ظل استمرار الأزمة، وتزايد الضغوط الإنسانية والاقتصادية، يُعوَّل كثيراً على دور الاتحاد الأفريقي في تهيئة الظروف لإنجاح أي عملية سياسية جادة، تُنهي الحرب، وتعيد السودان إلى طريق السلام والديمقراطية، وبينما تبقى التحديات جسيمة، فإن التأكيدات المتكررة من الاتحاد على الوقوف إلى جانب السودان تمثل رسالة دعم معنوي ودبلوماسي في لحظة حرجة من تاريخه الحديث.