شهدت أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، استقراراً نسبياً في السوق الموازي، بعد سلسلة من الارتفاعات المتتالية خلال الأسبوع الماضي، فإن هذا الاستقرار المؤقت لا يعكس تحسناً حقيقياً في المؤشرات الاقتصادية، في ظل استمرار الضغوط المالية وضعف المعروض النقدي، رغم حالة الثبات الطفيف، يواصل الجنيه السوداني فقدان قيمته أمام العملات الأجنبية، مدفوعاً بعدة عوامل من أبرزها التوترات السياسية، والانكماش الاقتصادي، وتراجع الثقة في القطاع المصرفي، وتشير التوقعات إلى احتمال ارتفاع إضافي في أسعار العملات بعد عطلة عيد الأضحى، نتيجة الطلب الموسمي وزيادة المضاربات.
وأثار إعلان الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة على السودان اعتباراً من 6 يونيو المقبل حالة من القلق في الأوساط الاقتصادية، حيث يُخشى أن تؤدي هذه الإجراءات إلى مزيد من الضغوط على النظام المالي وزيادة القيود على حركة رؤوس الأموال، ويحذر خبراء اقتصاديون من أن العقوبات قد تُضعف العلاقات بين البنوك السودانية والمؤسسات المالية الدولية، وتحد من قدرة السودان على الوصول إلى الأسواق العالمية، خاصة في ظل هشاشة الاقتصاد وتراجع ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
أفادت تقارير محلية بأن السوق الموازي يشهد تراجعاً ملحوظاً في مبيعات النقد الأجنبي، في ظل عزوف عدد من التجار عن البيع ترقباً لارتفاعات محتملة في الأسعار، ويتزامن ذلك مع انخفاض السيولة النقدية المتوفرة في السوق، ما يضيف مزيداً من التوتر على حركة التداولات، وأشار محللون إلى أن الأسواق دخلت في مرحلة “الترقّب الحذر”، في ظل غياب سياسات اقتصادية واضحة وارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي يُضعف القدرة الشرائية ويُفاقم الأزمة المعيشية.
أكد عدد من الخبراء أن النظام المصرفي السوداني قد يكون من بين أكثر القطاعات تضرراً من العقوبات المرتقبة، خصوصاً فيما يتعلق بالتحويلات الدولية والتعامل مع المراسلين الأجانب، وأوضح الخبير الاقتصادي ميرغني يوسف، في منشور عبر حسابه الشخصي على “فيسبوك”، أن فرض العقوبات جاء عقب غياب السودان عن جلسات تفاوضية في سويسرا، ما يعكس تراجعاً في الحوار الدولي حول الملف السوداني.
وفي تطور لافت، أعلنت الولايات المتحدة أن تحقيقاتها أظهرت استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية في النزاع الدائر منذ أكثر من عامين، ما أثار ردود فعل دولية ومطالب بتحقيق مستقل، وتُعد هذه الاتهامات الأحدث في سلسلة من المخاوف الدولية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، خصوصاً مع استمرار القتال وتراجع مؤشرات التنمية.
في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية، يترقب المستثمرون والتجار في السوق السوداني نتائج التفاعلات القادمة، سواء على مستوى العملة أو السياسات النقدية، ويُجمع محللون على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من التحديات، ما لم تتوفر حلول داخلية تعيد الثقة إلى الأسواق وتُخفف من تأثير العوامل الخارجية، وعلى رأسها العقوبات والاضطرابات السياسية.