استقرار نسبي في أسعار الدولار بالسوق السوداء وسط مخاوف من تداعيات اقتصادية جديدة

4 Min Read

في ظل أجواء اقتصادية مضطربة، شهدت الأسواق المالية السودانية استقراراً نسبياً في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني اليوم الأحد، بعد سلسلة من الارتفاعات المتسارعة التي سجلتها العملة الأجنبية خلال الأسبوع الماضي، إلا أن هذا الاستقرار المؤقت لا يُعد مؤشراً على تحسن فعلي، بل يعكس حالة من الجمود وسط توقعات باستمرار التدهور في ظل غياب أي حلول اقتصادية واضحة، وبلغ سعر الدولار في بعض المناطق ما بين 1220 و1250 جنيهاً سودانياً، وسط تراجع في حجم التداول بفعل الحذر والترقب من قبل المتعاملين، ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتراجع الثقة في النظام المصرفي، مما دفع العديد من المواطنين إلى اللجوء للسوق السوداء كخيار وحيد لتأمين احتياجاتهم من النقد الأجنبي.

تؤكد التقارير الاقتصادية أن البلاد تشهد موجة جديدة من التضخم، في ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، وأدى الانخفاض المتواصل في قيمة الجنيه إلى تآكل دخول المواطنين، وتقلص قدرتهم الشرائية بشكل كبير، ويتحدث مواطنون عن معاناة يومية في تأمين احتياجاتهم الأساسية، وسط غياب الدعم الحكومي وارتفاع كلفة المعيشة، كما فاقمت الأزمة الإنسانية الأوضاع، حيث تشير بيانات منظمات دولية إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع في عدد من الولايات، خاصة في مناطق النزاع التي تعاني من انقطاع سلاسل الإمداد وانعدام الخدمات الأساسية.

يُعد النزاع المسلح الذي اندلع منذ أكثر من ثلاث سنوات عاملاً رئيسياً في تراجع النشاط الاقتصادي، حيث تسبب في توقف الإنتاج الزراعي والصناعي في مناطق واسعة من البلاد، وأدى إلى نزوح ملايين السكان، إضافة إلى تدمير البنى التحتية الحيوية، ويحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار هذا النزاع سيقود إلى مزيد من الانهيار في مؤشرات الاقتصاد الوطني، خاصة مع غياب رؤية سياسية شاملة تضمن وقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة.

في تطور لافت، أعلنت الولايات المتحدة نيتها فرض حزمة جديدة من العقوبات على السودان اعتباراً من الشهر المقبل، وأثار هذا الإعلان حالة من القلق في الأسواق السودانية، حيث يخشى المستثمرون من تداعياته المحتملة على الاقتصاد الوطني، خاصة في ما يتعلق بقطاعي الصادرات والتحويلات المالية، وبدأت الأسواق تشهد تراجعاً في مبيعات النقد الأجنبي وتزايداً في الطلب، ما ينذر بارتفاع إضافي في أسعار العملات الأجنبية خلال الفترة القادمة، وفي منشور على حسابه في فيسبوك، حذر الكاتب الصحفي السوداني عثمان ميرغني من تداعيات العقوبات الجديدة، معتبراً أنها قد تؤدي إلى تعقيد العلاقات المصرفية بين السودان وبقية دول العالم، خاصة مع عدم مشاركة الحكومة السودانية في مفاوضات جنيف الأخيرة، وهو ما اعتبرته بعض الأطراف الدولية مؤشراً على عدم التزام الخرطوم بالمسارات الدبلوماسية.

وفي تطور يزيد من تعقيد المشهد، أعلنت الإدارة الأمريكية أنها توصلت إلى معلومات تفيد باستخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية خلال العمليات العسكرية الدائرة، وعلى الرغم من عدم صدور تأكيدات مستقلة بشأن هذه المزاعم، إلا أن الإعلان أثار ردود فعل دولية واسعة، وسط دعوات إلى فتح تحقيقات دولية وضمان حماية المدنيين.

أمام هذه التحديات المتداخلة، يظل المشهد السوداني يراوح مكانه بين أزمات سياسية متفاقمة، وانهيار اقتصادي متسارع، وتدهور إنساني واسع النطاق، ولا تزال جهود المجتمع الدولي محدودة في مواجهة الأزمة، في حين تغيب الإرادة السياسية الفعلية لدى الأطراف السودانية للتوصل إلى تسوية شاملة تعيد الأمل لملايين المواطنين الذين يدفعون يومياً ثمن الصراع، في ظل هذه المعطيات، يبقى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي هدفاً بعيد المنال ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة وشفافة نحو إنهاء النزاع، وإطلاق عملية إصلاح شاملة تعيد بناء مؤسسات الدولة وتفتح الطريق أمام التنمية والسلام.

Share This Article