ارتفاع جزئي في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني وسط مخاوف من تداعيات العقوبات الأمريكية

3 Min Read

شهدت الأسواق المالية في السودان، اليوم الثلاثاء، حالة من الترقب والقلق بعد الإعلان عن عقوبات أمريكية جديدة من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل، مما تسبب في ارتفاع جزئي بأسعار بعض العملات الأجنبية، أبرزها الجنيه المصري والجنيه الإسترليني، في مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي، وعلى الرغم من ما يبدو كاستقرار نسبي في السوق السوداء عقب الارتفاعات الحادة التي سجلت الأسبوع الماضي، إلا أن مراقبين اقتصاديين يؤكدون أن هذا الاستقرار غير مستدام ويعكس هشاشة الوضع النقدي وليس تحسناً فعلياً في قيمة العملة المحلية.

العقوبات الأمريكية الجديدة، التي تأتي في وقت تعاني فيه البلاد من ضغوط اقتصادية وأمنية متفاقمة، خلقت حالة من عدم اليقين بين المتعاملين والمستثمرين، حيث تراجعت مبيعات النقد الأجنبي في السوق الموازي وسط توقعات بحدوث ارتفاعات جديدة في الأسعار بعد عطلة عيد الأضحى، ويخشى المتعاملون أن تؤثر هذه العقوبات على العلاقات المالية بين البنوك السودانية والمؤسسات المصرفية العالمية، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الاقتصادية وتقليص الفرص المحدودة أصلاً للاستثمار والتحويلات الدولية، وأشار اقتصاديون إلى أن فشل السودان في المشاركة في مفاوضات سويسرا ربما كان أحد الأسباب وراء فرض هذه العقوبات، مؤكدين أن غياب التمثيل السوداني في المحافل الدولية يعزز عزلة البلاد ويؤثر على قدرتها على التفاوض حول الملفات الاقتصادية المعقدة.

إلى جانب التحديات الاقتصادية، يزداد الوضع الإنساني سوءاً بعد إعلان الولايات المتحدة أنها توصلت إلى أدلة تفيد باستخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية في النزاع المستمر منذ أكثر من عامين، وقد أثار هذا الإعلان قلقاً واسعاً بين المنظمات الدولية والدول المعنية بالشأن الإنساني، وسط دعوات لاتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات، في المقابل، يتزايد الضغط على الأسر السودانية نتيجة انخفاض القوة الشرائية للجنيه، حيث أدى تراجع العملة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بما يفوق قدرة معظم المواطنين، في ظل استمرار أزمة الغذاء والدواء وارتفاع معدلات التضخم.

التقارير الاقتصادية تشير إلى أن السودان يواجه أزمة مركبة تتمثل في تراجع النمو، ارتفاع الأسعار، نقص السيولة، وتزايد معدلات البطالة، ما يؤدي إلى تفاقم معاناة المواطنين وانخفاض مستوى المعيشة بشكل غير مسبوق، ويحذر خبراء من أن استمرار النزاع المسلح وتوسع رقعة الصراع يُشكل عقبة مركزية أمام أي محاولات لإنعاش الاقتصاد الوطني، إذ تؤدي العمليات العسكرية إلى تعطيل حركة الإنتاج، وتآكل البنية التحتية، ونزوح الكفاءات، ما يجعل الأفق الاقتصادي أكثر قتامة.

في ظل هذا الوضع، يؤكد محللون أن استقرار الاقتصاد السوداني مرهون بإنهاء النزاع، وإطلاق حوار وطني شامل يضع حداً للانقسامات السياسية والأمنية، ويُعيد الثقة إلى السوق المحلي والدولي، ويظل مستقبل الجنيه السوداني، كما مجمل الاقتصاد، مرتبطاً بقدرة الدولة على استعادة الاستقرار وبناء مؤسسات مالية قوية، وتحقيق انفتاح على المجتمع الدولي عبر مسارات دبلوماسية واقتصادية فعالة.

Share This Article