يواصل سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعه التدريجي في البنوك المحلية بالسودان، وسط تراجع غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني، مما أدى إلى انعكاسات واسعة على الأسواق غير الرسمية وتدهور القوة الشرائية للمواطنين، وأن استمرار انخفاض الجنيه مقابل الدولار والعملات الرئيسية أدى إلى موجة غلاء واسعة، فاقمت الضغوط المعيشية على المواطنين، خاصة في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والأمنية في البلاد، وأشار خبراء اقتصاديون إلى أن تصاعد أسعار الصرف يعود إلى عدة عوامل رئيسية، من أبرزها: قيام رجال أعمال بتحويل أموالهم إلى الخارج بعملات صعبة، توجه الحكومة إلى الأسواق الموازية لتوفير احتياجاتها من الأسلحة والمعدات، الاعتماد المتزايد على استيراد الوقود لتعويض نقص الإمدادات المحلية من القمح والمواد الزراعية.
وأكد الخبراء أن الحكومة تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ إصلاحات شاملة في ظل استمرار الصراع، ولفتوا إلى أن العائدات من استخراج الذهب في ولايات الشمال والشرق تُعد من الركائز الأساسية لتمويل الميزانية العامة، لكن استخدامها المتزايد لدعم المجهود الحربي يقلل من جدواها في دعم الاستقرار الاقتصادي، فإن الانخفاض الحاد في حجم البضائع المستوردة خلال فترة الحرب ترافق مع هجرة جماعية تُقدر بأكثر من 11 مليون شخص، ما قلّل من الطلب الداخلي على السلع، لكنه لم يحدّ من ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، وأشاروا إلى أن أكثر من 80% من هذه الفئة كانت تعتمد على السلع المستوردة، ما ساهم في تغير ديناميكيات السوق المحلية.
وأن جزءاً كبيراً من الإيرادات يُوجه لشراء الأسلحة والوقود، مع اعتماد متزايد على الأسواق غير الرسمية للحصول على العملات الأجنبية، ويرى محللون أن هذا التوجه ساهم في زيادة الضغط على الجنيه، داعين إلى إعادة تقييم السياسات الاقتصادية الراهنة وضمان التوازن بين المتطلبات الدفاعية والاحتياجات الاقتصادية الأساسية، وسط هذه الظروف، تتزايد الدعوات لوضع خطة اقتصادية عاجلة لاحتواء الأزمة، تشمل تحسين بيئة الاستثمار، وترشيد الاستيراد، وتعزيز الإنتاج المحلي، إلى جانب تكثيف الجهود لجذب الدعم الدولي لمعالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتدهورة.