وجهت هيئة “محامو الطوارئ” اتهامات لعناصر من الجيش السوداني والمجموعات الداعمة له بتنفيذ عمليات تصفية جسدية بحق أسرى ومدنيين في عدد من أحياء محليتي الخرطوم وجبل أولياء. واعتبرت الهيئة هذه الممارسات انتهاكًا خطيرًا للقوانين الوطنية والدولية، مطالبة بفتح تحقيق فوري ومستقل حول هذه الانتهاكات.
في بيان رسمي، قالت الهيئة إن لديها شهادات موثقة وأدلة تشير إلى عمليات قتل خارج نطاق القانون، حيث تم تصفية بعض الأسرى بعد اعتقالهم من قبل القوات النظامية، كما تم استهداف مدنيين بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع. وأوضحت الهيئة أن هذه الجرائم تمثل تصعيدًا خطيرًا لخطاب الكراهية والعنف، الأمر الذي يهدد النسيج الاجتماعي وينذر بتوسّع دائرة الانتهاكات. وأضاف البيان أن عمليات القتل هذه تزامنت مع عمليات عسكرية مكثفة في بعض المناطق التي استعاد الجيش السيطرة عليها مؤخرًا، ما يثير المخاوف حول انتهاكات محتملة بحق الأسرى والمدنيين في ظل غياب الرقابة والمحاسبة.
طالبت الهيئة الجهات المعنية، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، بإجراء تحقيق عاجل ومستقل لضمان عدم إفلات المسؤولين من العقاب. كما دعت إلى وقف فوري لأي عمليات تصفية أو انتهاكات بحق الأسرى والمدنيين، مؤكدة أن تبرير هذه الجرائم تحت ذريعة التعاون مع “العدو” يفتح الباب أمام مزيد من أعمال العنف والانتقام. وأشارت الهيئة إلى أن استمرار مثل هذه الانتهاكات قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في الصراع، مما يعقّد جهود التوصل إلى تسوية سلمية ويزيد من معاناة المدنيين الذين يعيشون أوضاعًا إنسانية كارثية منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
لم يصدر الجيش السوداني حتى الآن أي بيان رسمي يرد على هذه الاتهامات، إلا أن مصادر عسكرية ذكرت لوسائل إعلام محلية أن “عمليات الجيش تتم وفق القوانين العسكرية وقواعد الاشتباك المعتمدة”، مشددة على التزام القوات المسلحة بعدم استهداف المدنيين أو مخالفة القانون الدولي الإنساني.
منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، شهدت البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث. ووفقًا للأمم المتحدة، فقد أدى الصراع إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص، فيما نزح نحو 10 ملايين آخرين داخل السودان وخارجه، وسط تحذيرات من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل متسارع.
مع استمرار القتال في الخرطوم وأجزاء واسعة من دارفور، يحذر مراقبون من أن الاتهامات المتبادلة بين طرفي النزاع قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد، ما يجعل الوصول إلى حل سياسي أكثر تعقيدًا. كما تخشى المنظمات الحقوقية من أن تتحول الانتهاكات المستمرة إلى نمط ممنهج، مما يعزز احتمالات وقوع جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
في ظل هذه التطورات، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى إمكانية وضع حد لهذه الانتهاكات، وما إذا كانت هناك إرادة حقيقية لمحاسبة المتورطين فيها، سواء من طرف الجيش أو قوات الدعم السريع، لضمان تحقيق العدالة وحماية المدنيين من تداعيات الحرب المستمرة.